السبت، 29 أكتوبر 2016

المنهج الخفي






تشير الأديبات في مجال التربية عامة وفي مجال المناهج على وجه الخصوص إلى ظاهرة تسمى المنهج المستتر ، وبعض الأحيان نجد من التربويين من يطلق عليه مصطلحالمنهج الخفي ، أو المنهج الضمني وسواء هو منهج مستتر أو خفي فالمعنى المقصود واحد ، "وهو تلك الخبرات غير المخططة وغير المقصودة التي يتعرض لها الأبناء ويمرون بها دون استعداد فيتعلمون أشياء ويصلون إلى نواتج تعليمية لا تتضمنها الأهداف العامة للمنهج ." وهذا يعني أن المعلم الذي ينفذ خبرات المنهج الرسمي بكل ما يشمله من مضامين علمية إنما يستطيع أن يحقق بعض الأهداف المعلنة وإلى جانبها تتحقق أهداف أخرى لم يشر إليها ولم يرد لها أي ذكر في فلسفة المنهج أو أهدافه . .

 تعريف المنهج الخفي
تعددت تعريفات المنهج الخفي أو كما يُعرف بالمنهج المستتر، أو المنهج الموازي. ومن أهم تلك التعريفات ما يلي:

* أنه المعرفة، والقيم، والسلوك والعادات والمعتقدات التي يكتسبها الأفراد من خلال العملية التعليمية.

* المادة التي تُدرس للمتعلمين، أكاديمية كانت أم أخلاقية، بدون قصد خارج نطاق المنهج الرسمي.

* كافة الخبرات والمعارف والقيم والسلوك التي يقوم بها المتعلمون ويتعلمونها خارج نطاق المنهج المقرر(الرسمي)، وذلك طوعاً دون إشراف المعلم أو علمه في معظم الأحيان من خلال التعلم بالقدوة والملاحظة من أقرانه ومعلميه ومجتمعه المحلي.

مما سبق يمكن القول بأن المنهج الخفي أو المستتر هو كل ما يتعلمه الطالب من معارف وقيم وسلوك لم يتضمنه المنهج الرسمي المقرر، وذلك عن طريق القدوة والتفاعل مع المعلمين من جهة، وزملائه الطلبة من جهة أخرى. ويمكن استنباط المنهج الخفي من القوانين واللوائح الداخلية والتنظيمات العامة الموجودة في المدرسة والتي تضعها المدارس أو الإدارات العليا للتعليم.

من هنا نستطيع القول أن للمنهج الخفي مكونات عديدة (مادية ومعنوية) منها ما يلي:

-ترتيب الفصل ووضع الأثاث فيه.

-الخدمات المدرسية المختلفة.

-الجدول المدرسي.

-ثقافة المتعلم وعلاقتها بالثقافة السائدة.

-خلفيات المعلمين.

-التعامل مع الكتب المدرسية.

● أمثلة على المنهج الخفي:


لكل مدرسة مخطط للمنهج الرسمي تعمل على تنفيذه وإيصاله للطلبة، ولكل منهج مجموعة مقررة من الأهداف يسعى إلى تحقيقها سواء من خلال المحتوى أو الأنشطة. وتلك الخبرات تكون مخططة وواضحة ومقصودة، ولكن هناك أيضاً أموراً غير مخطط لها يتعلمها الطلبة جنباً إلى جنب مع تنفيذ المعلم للمنهج الرسمي، على سبيل المثال:

*المعلم المتحمس لآرائه الذي يسعى دائماً إلى إقناع المتعلمين بها، ويحشد الأدلة لتأييدها وإثباتها، فإن المعنى المقصود والمخطط له هو الإيمان بآراء ذلك المعلم، لكن المتعلمين يتعلمون أيضاً التطرف في التفكير والتعصب لآرائهم ولأفكارهم وعدم الأخذ بآراء الآخرين.

*اختيار المعلم لممثلي الصف من الطلبة والطريقة التي يُحيي بها المعلم طلابه وتعزيزه لهم في جميع الأحوال، يُعلم الطلبة الثقة في النفس واحترام الذات.




● خصائص المنهج الخفي


درست جامعة وينكسون عام 1986م ثقافة المدارس، واكتشفت عدة خصائص للمنهج الخفي،هي:

– له أثر بالغ في أداء وتقدم الطلاب واتجاهاتهم.

– يُصنع ويُؤكد ويُعالج عن طريق الطلاب والعاملين بالمدرسة.

– المنهج الخفي لكل مدرسة له صفات متفردة عن المدارس الأخرى.

– له طبيعة الهدم والبناء.

– التغيرات فيه بطيئة وتستلزم جهداً كبيراً.



● دور المعلم بالنسبة لمنهج الخفي:

إن المعلم الواعي والمدرك لحدود المنهج الرسمي لا بد أن يدرك أيضاً أن هناك خبرات مصاحبة غير مقصودة قد يمر بها الطلبة، لذلك لا بد أن يضع في اعتباره بأن هذه الخبرات على الرغم من كونها غير مقصودة إلا أنها مهمة وأساسية وتستحق منه كل الاهتمام. ولا بد أن يخصص المعلم وقتاً للخبرات غير المقصودة ( خبرات المنهج الخفي)، وهي خبرات غير مطلقة، وغير محددة، وبالتالي يجب أن تتضمن الأدوات التي يقوم المعلم بإعدادها بيانات عن أشياء أو ظواهر أخرى لم تناقش في الدرس، ولكن لها علاقة به، وأن يطلب من الطلبة أنشطة لتنمية تلك الخبرات مثل البحث والاستكشاف والاستقصاء والعمل التعاوني.

وقد يمر الطلبة بخبرات معرفية في غير تخصص المعلم مما يجعله في موقف حرج، هنا يجب على المعلم أن يكون موسوعي قدر الإمكان على الأقل بما له علاقة بموضوع درسه والأمور التي يتوقع أن يستفسر عنها الطلبة، من هنا ظهرت فكرة التعليم الفريقي.


● متطلبات التعليم والتعلم من خبرات المنهج الخفي :
بناءً على طبيعة خبرات المنهج الخفي وخاصة من ناحية عدم القدرة على التنبؤ بها أو التخطيط لها، فإن المعلم بحاجة لعدة متطلبات تساعده على التعامل مع طلابه في إطار خبرات هذا المنهج، تتمثل في الآتي:

*إدارة مدرسية واعية بطبيعة العلاقة بين المنهج الرسمي والمنهج الخفي.

*وعي المعلمين والمشرفين بأهمية إتاحة الفرصة الكافية للطلبة للتفاعل مع خبرات المنهج الخفي.

*توافر مصادر التعلم المختلفة وقدرة المعلم والطلبة على التعامل معها.

*توجيه الأنشطة الصفية وغير الصفية كي يمر الطلبة بخبرات عديدة في إطار المنهج الخفي.

*تمكن المعلم من مهارات بناء أدوات تقويم مناسبة من أجل تقويم نواتج التعلم للخبرات المصاحبة في الوقت المناسب.

● تقويم نواتج تعلم خبرات المنهج الخفي

ترتبط عملية قياس نواتج تعلم أي خبرات سواء كانت خبرات منهج رسمي أو خبرات منهج مستتر بعملية التقويم والذي يجب أن تتوافر فيه كافة شروط التقويم العلمي. وبما أن خبرات المنهج الخفي غير مرئية أو مجهولة ولا يمكن التنبؤ بها بدرجة عالية من الصدق، فكيف يمكن للمعلم إجراء عملية تقويم لتلك الخبرات؟

للإجابة عن السؤال السابق، يمكن القول أنه يجب على المعلم أن يكون على قدر كافي من الخبرة والتدريب ليستطيع بناء أدوات تقويم مناسبة لخبرات المنهج الخفي سواء كانت اختبارات، أو بطاقات، أو مقابلات، أو الملاحظة، وغيرها من الأدوات، ويستخدمها في الوقت المناسب.



● ضبط المنهج الخفي:


من الصعب التحكم في المنهج الخفي والحد من آثاره السلبية ولكن التعامل الإنساني الأمين مع الطلبة وتوجيههم للأفضل فكرياً، واجتماعياً، وسلوكياً، والاستجابة لمصالحهم ورغباتهم وحاجاتهم من خلال بيئة مدرسية عصرية بناءة، ومناهج ذات صلة وثيقة بالواقع الذي يعيشونه، مع توفر معلمين وإداريين أكفّاء إنسانياً ووظيفياً، قد تقلل مجتمعة من الآثار السلبية للمنهج الخفي.


● الفوارق بين المنهج الرسمي والمنهج الخفي:


هناك عدة فوارق بين المنهج الرسمي والمنهج الخفي يمكن تلخيصها فيما يلي:

1-المنهج الرسمي منهج مخطط له وهو منهج مقصود أما المنهج الخفي فهو غير مقصود.


2- تأثير المنهج الخفي في التلميذ أوسع دائرة وأكثر عمقا والرسمي أضيق دائرة وأقل عمقا.


3-نتائج المنهج الخفي أسرع انتشاراً من المنهج الرسمي.

4- نتائج المنهج الرسمي إيجابية على الأغلب، أما المنهج الخفي فله نتائج إيجابية وأخرى سلبية.

5- يتعلم التلميذ من المنهج الخفي أشكال التعلم الجماعي بينما يتعلم من المنهج الرسمي الحقائق والمهارات المقصودة التي يوليها المسؤولون الاهتمام (عاشوروأبوالهيجاء،2004،233)


6- يعتبر المنهج الخفي بمثابة جوانب ثابتة ومتغيرة للتعليم المدرسي بعكس المنهج الرسمي، وتؤدي هذه الجوانب إلى إحداث التغيير في سلوك التلاميذ.













لمراجع:

اللقاني، أحمد حسين، محمد، فارعة حسن (2001) مناهج التعلم بين الواقع والمستقبل، عالم الكتب، القاهرة.

عصر، حسين عبد البادي (2006) تاريخ المنهج المدرسي“أصوله،ومبادؤه،وقضاياه“، مركز الإسكندرية للكتاب،الإسكندرية.

ريتشارد لفوي (2009)، ت:عبدالله عبد المحسن الحربي، المعلمون يطورون المنهج الصريح والطلاب يطورون المنهج الخفي، تاريخ الاسترجاع 31/10/2010 من www.almarefh.org

الفتلاوي، سهيله محسن كاظم،هلالي، أحمد (2006) المنهاج التعليمي والتوجه الأيدلوجي“النظرية والتطبيق“، دار الشروق، عمّان.

محمود، صلاح الدين عرفه (2002) المنهج المدرسي والألفية الجديدة، دار القاهرة، القاهرة.

البكر، فوزية، المنهج الخفي، تاريخ الاسترجاع 31/10/2010 من www.al-jazirah.com

حمدان، محمد زياد (1988) المنهج المعاصر-عناصره ومصادره وعمليات بنائه، دار التربية الحديثة، عمّان.

الدرويش، محمد عبدالله، المنهج الخفي، تاريخ الاسترجاع 31/10/2010 منwww.albayan-magazine.com

هناك تعليق واحد:

  1. ماشاء الله عنك رائعة
    الله يعطيك العافية وربنا يزيدك من فضله

    ردحذف